![]() |
| الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الرحمن |
إن الحوار مع الآخر في القران الكريم حقيقة ثابتة ومتكررة في ثنايا آيته الكريمة ، ويمكن أن نحصر صوره في صورتين :
الصورة الأولى _ وجود الحوار لفظا أو ما في معناه .
سبق أن قررنا أن هناك جامعا مشتركا بين الحوار والجدل والمحاجة و المراء وهو مراجعة الكلام بين طرفين .
وقد تكررت هذه المصطلحات الأربعة في القران الكريم عدة مرات :
الأول _ الحوار :
وردت مادته أربع مرات على النحو التالي :
1- قوله تعالى ﴿ وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا﴾
2- قوله تعالى ﴿ قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ﴾
3- قوله تعالى ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ﴾
4- قوله تعالى﴿ انه ظن أن لن يحور﴾ أي لن يبعث .
واعتبر الأصفهاني رحمه الله هذا ترددا ( حوارا ) بالفكر
الثاني _ الجدل :
وردت مادته في القران الكريم في تسعة وعشرين موضعا ولا يستع المقام لذكرها ، لكن العلماء قسموا الجدل إلى قسمين :
القسم الأول : جدل محمود وهو الجدل في الدين وتقرير الحق ودعوة الخلق إلى سبيل الله
والذب عن دين الله تعالي وهو حرفة الرسل عليهم السلام ومن تبعهم من العلماء العاملين والدعاة المخلصين .
القسم الثاني : جدل مذموم وهو الجدل بغير الحق و تقرير الباطل وطلب المال والجاه وهو حرفة الشياطين وأوليائهم من الإنس.
والقسم الأول هو الجدل بالحسنى ، وحينئذ يكون مرادفا للحوار فيفسر أحدهما بالآخر، ومن ذلك قوله تعالى ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ اى تحاورك. وقوله تعالى ﴿ قال له صاحبه وهو يحاوره ﴾ اى يجادله ويخاصمه .
الثالث _ المحاجة :
وردت مادته في القران الكريم في ثلاثة عشر موضعا.
وهو قريب من الحوار والجدل وقد فسر بعضهم الجدال بالتحاج كما في قوله تعالى ﴿ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ﴾ اى لاتحاجج عن الذين يخونون أنفسهم .
الرابع _ المراء :
وردت مادته في القران الكريم في عشرين موضعاً وهي تتردد بين الجحود والشك والجدل المذموم وقد يأتي بمعنى الجدل المحمود كما في قوله تعالى ﴿ فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرا ﴾ أي لا تجادل في أصحاب الكهف إلا بما أوحيناه إليك ، وهو رد علم عدتهم إلى الله تعالى ، وقيل معنى المراء الظاهر: أن تقول ليس كما تقولون ونحو هذا ولا تحتج على أمر مقدر في ذلك .
الصورة الثانية : وجود الحوار حقيقة .
لقد حوى القران الكريم آيات كثيرة تخاطب العقل البشري وتدعوه إلى التفكر والتدبر ، هذه المخاطبة بعضها ورد بصيغة القول ومادته التي بلغ مجموعها (1732) مرة تقريبا ، كان نصيب (قال ) منها (531) مرة قريباً،ونصيب (قل) منها (333) مرة تقريباً، وهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخاطب بما بعدها المعاصرين له خاصة المشركين وأهل الكتاب والمنافقين.
وحيث إن الحوار : مراجعة للكلام بين طرفين فقد رأينا تحقق ذلك في كثير مما وردت به مادة (القول ) ولكن هذه المراجعات (المحاورات ) إذا نظرنا إليها باعتبار وقت وقوعها فإنها تأخذ وجوهاً ثلاثة :
الوجه الأول : حوارات وقت قبل الإسلام أوردها القران للعظة والاعتبار منها على سبيل المثال ما ورد في سورة البقرة :
1- حوار الله عز وجل مع الملائكة في استخلاف آدم عليه السلام الآيات (30-33) .
2- حوار موسى مع قومه في ذبح البقرة الآيات (67-74) .
3- حوار الملأ من بني إسرائيل مع نبيهم حول طالوت الآيات (246- 249) .
4- حوار إبراهيم عليه السلام مع النمرود الآية (258) .
5- الحوار مع عذير عليه السلام الآية (259) .
6- حوار إبراهيم عليه السلام مع ربه جل وعلا الآية (260) .
الوجه الثاني : حوارات المعاصرين لنزول القران من المشركين وأهل الكتاب ومن على شاكلتهم إلى قيام الساعة .
ومن ذلك - على سبيل المثال - الحوار مع أهل الكتاب في سورة البقرة الآيات (135-141) ، وسورة آل عمران الآيات (61-71 ، 83 ) .
الوجه الثالث : حوارات ستحدث في المستقبل أخبر الله عز وجل بها للتفكر والاعتبار .
ومن ذلك :
1- حوار أهل الجنة وأهل النار في سورة الأعراف الآيات (44-51) .
2- حوار أهل النار مع بعضهم كما ورد في سورة سبأ الآيات (31-33) ، سورة ص الآيات (59-64)، وسورة غافر الآيات (47،48) .
3- حوار الله عز وجل والملائكة مع أهل النار كما ورد في سورة المؤمنون الآيات (105-115) ، وسورة الزمر الآيات (71،72) ، وسورة غافر الآيات (49،50 ) .
4- حوار المنافقين مع المؤمنين كما ورد في سورة الحديد الآيات (14،13) .








1 التعليقات:
جزاكم الله كل الخير
إرسال تعليق