مولده
ولد العالم الجيلي الشيخ محمد متولي الشعراوي يوم 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر،بمحافظة الدقهلية، بجمهورية مصر العربية. وحفظ القرآن الكريم وهو في سنالحادية عشرة، والتحق بمعهد الزقازيق الديني الابتدائي، ثم الإعدادي،فالثانوي. وحصل على شهادة العالمية من كلية اللغة العربية بالقاهرة سنة1941م.
عين مدرساً بالمعهد الديني بطنطا، ثم انتقل إلى الزقازيق ثم إلىالإسكندرية، واستمر تدريسه مدة ثلاث سنوات فقط، سافر بعدها إلى السعوديةضمن البعثة الأزهرية ليعمل أستاذاً للشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمةسنة 1950م، وفي عام 1963م حدث خلاف بين جمال عبدالناصر والملك سعود سُحِبتعلى إثره البعثة الأزهرية، فعاد إلى مصر، وتولى منصب مدير مكتب شيخ الأزهرالشيخ حسن مأمون.
وسافرالشيخ مرة أخرى إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر، وبقي بها مدرساً لمدةسبع سنوات، قبل أن يعود إلى مصر ويتولى منصب مدير أوقاف محافظة الغربية،ثم بعد ذلك وكيلاً للأزهر الشريف.
في سنة 1976م اختير وزيراً للأوقاف في وزارة ممدوح سالم، ولكنوقع خلاف بينه وبين السادات "رئيس الجمهورية" فترك الوزارة، وسافر إلىالسعودية ولم يعد إلا بعد مقتل السادات سنة 1981م.
نور على نور عرف الناس الشيخ الشعراوي، وتوثقت صلتهم به، ومحبتهم له منخلال البرنامج التلفزيوني "نور على نور" وهو الذي كان يفسر فيه كتاب اللهالعزيز، وقد بدأ هذا البرنامج في السبعينات من هذا القرن، ومن خلاله ذاعصيت الشعراوي في مصر والعالم العربي والإسلامي، ومن التليفزيون المصريانتقل البرنامج إلى إذاعات وتليفزيونات العالم الإسلامي كله تقريباً.
كانالشعراوي في تفسيره للقرآن آية من آيات الله، وكان إذا جلس يفسر كأن كلامهحبات لؤلؤ انفرطت من سلكها فهي تنحدر متتابعة في سهولة ويسر.
غواص معانٍ
كان - رحمه الله - في تفسيره كأنه غوَّاصٌ يغوص في بحار المعاني والخواطر،ليستخرج الدرر والجواهر، فإذا سمعت عباراته، وتتبّعْت إشاراته، ولاَمَسَتْشغافَ قلبك خواطرُه الذكية، وحرّكت خلجات نفسك روحانياتُه الزكية قلتَ:إنه لَقِن معلَّم، أو فَطِنٌ مُفَهَّم، لا يكاد كلامه يخفى على سامعه مهماكان مستواه في العلم، أو قدرته على الفهم، فهو كما قيل السهل الممتنع.
وعلىرغم أن علم التفسير علمٌ دقيق، وغالباً ما يُقدم في قوالب صارمة، ولغةصعبة عالية، إلا أن الشعراوي نجح في تقريب الجمل المنطقية العويصة،والمسائل النحوية الدقيقة، وكذلك المعاني الإشارية المُحلِّقة، ووصل بذلككله إلى أفهام سامعيه، حتى باتت أحاديثه قريبة جداً من الناس في البيوت،والمساجد التي ينتقل فيها من أقصى مصر إلى أقصاها، حتى صار الناس ينتظرونموعد برنامجه ليستمتعوا بسماع تفسيره المبارك.
لقد عاش الشيخ الشعراوي معالقرآن يعلمه للناس ويتعلم منه، ويؤدب الناس ويتأدب معهم، فتخلَّقبأخلاقه، وتأدب بآدابه، فعاش - رحمه الله - بسيطاً متواضعاً، رغم سعةشهرته، واحتفاء الملوك والأمراء والوجهاء والكبراء به، وكان يحيى حياةبسيطة على طريقة سراة الفلاحين.
كان الشيخ مألوفاً محبوباً، يألفه الناس ويحبونه لصفاء نفسه، ولطف معشره، وحسن دعابته مع مهابة العلماء ووقارهم.
كان الشعراوي واسع الثراء، كثير الإنفاق في سبيل الله تعالى - حتى إنه تبرع مرة بمليون جنيه مصري للمعاهد الأزهرية.
وما زال الشيخ الشعراوي مستمراً في التفسير إلى أواخر حياته، وقبيل أن يمنعه المرض الذي عانى منه قبل وفاته بخمسة عشر شهراً.
وفـــــــــاة
وفي صباح الأربعاء 22 صفر 1419هـ الموافق 17/6/1998م انتقلت الروح إلى باريها، وفقدت الأمة علماً آخر من أعلامها البارزين...
رحم الله شيخنا فضيلة الشيخ الشعراوي، وعفا عنه، وجازاه عن القرآن خيراً، وعوض المسلمين خيراً منه. آمين.








0 التعليقات:
إرسال تعليق