| |||
شرع الله الأذان لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وتنبيههم للإقدام عليها،وشرعت الإقامة لاستنهاض الناس لأداء الصلاة، وشُرِعَ أذانٌ واحدٌ لكلفريضة، وكان زمن التشريع للأذان بعد الهجرة في السنة الأولى، كما ثبت فيحديث رؤيا عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، رواه الترمذيوصححه ابن خزيمة وابن حبان، وكان لكل فريضة أذان واحد وإقامة، وكانتالجمعة كسائر الفرائض في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبيه أبيبكر وعمر رضي الله عنهما، وزاد عثمان رضي الله عنه الأذان الثاني يومالجمعة للحاجة إليه، وهي كثرة الناس، فعُلِمَ أن الأذان مشروع بأصله، وليسهناك مانع من زيادة أذان مشروع في وقت يحتاج الناس إليه، كما فهم بلال رضيالله عنه ذلك عندما صلى سنة الوضوء مع كونها لم تكن مشروعةً بخصوصها. وأورد الإمام البخاري زيادة عثمان رضي الله عنه للأذان الثاني؛ فعنالسائب بن يزيـد رضـي الله عنه قـال: "كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَالْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَىعَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي اللهعنهما فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَالنِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ"، وسماه البخاري الثالث؛ لأنهيُسمِّي الإقامة أذانًا. وما فعله عثمان رضي الله عنه لم يشذ به عن باقي الأمة؛ ففد أقرهالصحابة في عهده، وثبت الأمر على ذلك بعده في عهد علي بن أبي طالب رضيالله عنه إلى يومنا هذا، ولقد روى البخاري نفس الحديث برواية أخرى زادفيها "عن الزهري قال: سمعت السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول: "إِنَّالأَذَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُيَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ في عهد رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان في خلافة عثمان رضي الله عنهوكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبتالأمر على ذلك". ويقول ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/394): "والذي يظهر أنالناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك؛ لكونه خليفةً مطاعَ الأمر"إلى أن قال: "وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة،لكن منها ما يكون حسنا، ومنها ما يكون بخلاف ذلك. وتبين بما مضى أن عثمانأحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة؛ قياسًا على بقية الصلوات، فألحقالجمعة بها، وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب، وفيه استنباط معنى منالأصل لا يبطله". ومما سبق نعلم أن الأذان الثاني للجمعة سَنَّهُ سيدنا عثمان رضي اللهعنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْبَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بسنتي وَسُنَّةِالْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ» رواه ابن حبان والحاكم،وعثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين، ولقد قام الإجماع العملي من لدنالصحابة إلى يومنا هذا على قبول الأذان الثاني، فالذي يطعن فيه وينكرهفإنه يطعن في إجماعٍ وفي شعائر الإسلام التي ارتضاها العلماء عبر القرون،والذي يدَّعي أنه بدعة ضلالة يخالف ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم من أن الله سبحانه لا يجمع أمته على ضلالة. والله سبحانه وتعالى أعلم المصدر : دار الإفتاء المصرية | |||







0 التعليقات:
إرسال تعليق