أنشأ هذا الجامع السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون, السلطان التاسع عشر في الدولة المملوكية التي حكمت مصر والشام لمدة 270 عاما (1250- 1517 م), ويقول الكاتب الأمريكي ول ديورانت في موسوعة "قصة الحضارة": تروي أسطورة غير مؤكدة كيف أن السلطان حسن جمع مشاهير المهندسين من بلاد كثيرة, وطلب إليهم أن يذكروا له أعلى صرح على البسيطة, وأمرهم بأن يشيدوا أعلى منه...
| نقش على الحجر في مدخل السلطان حسن |
يقول المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي في كتابه "الخطط" : لا يُعرَف في بلاد الإسلام معبدٌ من معابد المسلمين يحكي هذا الجامع, وحوى عجائبَ من البنيان؛ منها أن مساحة إيوانه الكبير 60 ذراعًا في مثلها، وهو بذلك أكبر من إيوان كسرى بالمدائن من العراق بخمسة أذرع، وبالجامع القبة العظيمة التي لم يُبنَ بديار مصر والشام والعراق والمغرب واليمن مثلها، وبه أيضًا المنبر الرخامي الذي لا نظير له".
تصميم الجامع
| منبر السلطان حسن |
يمتاز جامع السلطان حسن بروحانية عالية تلف المكان بأسره .. روحانية تنقلك من صخب المدينة إلي سكينة بيت الله- ولعل هذا هو سر الجامع الذي أسر قلوب الملايين على مدار العصور. من زاره مرة لا ينساه, ومن عشقه يجد نفسه مشدودا دوما إلى معاودة زيارته مرات ومرات.
يتكون الجامع من صحن تبلغ مساحته 32 × 34 متر, يحيط به أربعة أيونات, ويتوسط الصحن قبة معقودة تحملها ثمانية أعمدة رخامية. كانت ومازلت تستخدم كمكان للوضوء. وتقام فيه الآن صلاة الظهر والعصر فقط , حيث يقفل أبوابه بعد صلاة العصر مباشرة.
| محراب داخل قاعة الضريح |
ويتصدر الإيوان محراب مزخرف بالرخام, تزينه قطع من النقوش الذهبية والرخام المطعم، ويحف به عمودان من الرخام في كل جانب من جانبيه, وبجوار المحراب يسكن منبر من الرخام الأبيض له باب من الخشب المصفح بالنحاس..
وفي حائط القبلة يوجد مدخلين على يسار ويمين المحراب الرئيسي, يصلن إلي قاعة كبيرة مربعة الشكل طول ضلعها 21م وارتفاعها 48م, وتتميز بإضاءة وسكون يبعث على الرهبة والسكون, وحوائطها مكسوة بالرخام حتى ارتفاع ثمانية أمتار, كما تمتاز قبتها بنقوشها الذهبية التي تعد من أجمل ما نقشت يد فنان مسلم.
| مسجد السلطان حسن |
إذا عدنا مرة أخري إلى صحن الجامع نجد أربع مدارس فرعية, خصصت كل واحدة منها لتدريس مذهب من مذاهب الفقه الأربعة، وهي: المذهب الشافعي، والحنفي، والحنبلي، والمالكي. وكان يصرف لكل طالب وجبة يومية وكسوة سنوية، واهتم السلطان برعاية الطلاب والمدرسين من الناحية الصحية, حيث رتَّب لهم طبيبًا يباشر معالجتهم.
كان السلطان حسن قد خطط لأن للمسجد أربعة مآذن, وبالفعل أتم بناء المئذنتين الجنوبية والشرقية، وكذلك بُنيتْ المئذنة الثالثة, لكنها سقطت على 300 طفل من أيتام المسلمين الذين كانوا يدرسون في كُتاب الجامع، ولم ينجُ منهم إلا ستة فقط، وقد دفع هذا الحادث المروع السلطان إلي عدم إكمال هذه المئذنة، وظل الجامع بمئذنتين هما الموجودتان حاليًّا.
ويعلق المقريزي على سقوط المنارة بأن العامة في مصر والقاهرة تحدثت بأن ذلك منذر بزوال الدولة, فاتفق قتل السلطان بعد سقوط المنارة بـ 33 يوما فقط, فأتمه من بعده الطواشي بشير الجمدار.
نهاية سلطان
| أحد الإيوانات |
ولدت دولة المماليك من رحم الدولة الأيوبية. والدولتان- الأيوبية والمملوكية- جاءتا استجابة للظروف السياسية والعسكرية التي كانت تهدد العالم الإسلامي من الخطر الصليبي ثم الخطر المغولي, حيث تولت الدولتين مهمة الدفاع عن العالم الإسلامي.
وكتب التاريخ للمماليك أنهم كانوا من أوقف الزحف المغولي عند عين جالوت, فأنقدوا العالم من هذا الطوفان البربري, وحفظ لهم التاريخ أيضا أنهم كانوا من قضي على بقايا السرطان الصليبي في عكا عام 1291 على يد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون.
كانت دولة المماليك عسكرية في نشأتها, ومع زوال الخطر الصليبي والمغولي؛ بتحولهم إلي الإسلام, فشلت دولة المماليك دورها الرئيسي وأخفقت في التحول إلي الإدارة المدنية لأمور البلاد وتفرغ الأمراء لقتال بعضهم البعض للفوز بعرش السلطنة.
| يافطة أمام المسجد |
وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت دولة المماليك قيام أسرة حاكمة على مدي أجيال ثلاثة, وهي أسرة قلاوون .. وفي رأي الدكتور قاسم أن حكم أسرة قلاوون يعد دليلا على عدم إيمان المماليك بمبدأ وراثة الحكم, إذ أن استمرار هذه الأسرة كان نتيجة لأن الصراع بين كبار الأمراء لم يجد شخصية قوية تحسمه لصالحها . وفي بعض الأحيان كانت التوازنات السياسية بين الأمراء المتنافسين تفرض بقاء السلطان – من أبناء قلاوون أو أحفاده – على الرغم من ضعفه وعدم أهليته وعلي الرغم من وقوعه تحت السيطرة المطلقة للأمراء.
وفي سنة 751 هجريا – 1350 م أعلن القضاة أن السلطان حسن قد بلغ سن الرشد، ويمكنه أن يدير شئون البلاد دون وصاية أو تدخل من أمير. وما كاد السلطان يمسك بيده مقاليد الأمور حتى قبض على من حجرا عليه, فسارع باقي الأمراء إلي الاجتماع وقرروا خلعه قبل أن يشتد بأسه ويتخلص منهم، وبايعوا أخاه الملك صلاح الدين بن محمد بن قلاوون وكان فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره, فكانت مدة استبداده بالأمر 9 شهور.
البلاد, وظل في بادئ الأمر مغلوب على أمره حتى صفي له الأمر مرة ثانية بالتخلص من الأمير صرغتمش – وهو الأمير الذي بني مسجدا بجوار أحمد بن طالون, ويعد نسخة مصغرة من جامع السلطان حسن .
استمرت السلطنة الثانية ست سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام انتهت على نحو مأساوي مروع إذ قبض عليه الأمير يلبغا واختفي دون أن يعثر له على أثر, ويقال أنه قذف به في النيل, ولم يعرف قبره حتى اليوم.
ويصفه "ابن تغري بردي" في كتابه "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" بأنه كان مفرط الذكاء، عاقلاً فيه، رفيقًا بالرعية، متدينًا، شهمًا ولو وجد ناصرًا أو معينًا لكان أجلَّ الملوك.
| قنديل |
| محراب الجامع والمنبر الرخامي |
| صورة للمكان الذي يقف عليه مبلغ الآذان .. يردد نداء الصلاة وراء الأمام |
| صورة للمسجد من الخارج |
| صورة للمسجد التقطت من مدخل قاعة الضريح |
| صورة لايوان القبلة |
| الميضأة التي تتوسط الجامع |
| الممر الفاصل بين السلطان حسن والرفاعي |
| المستشفي الملحق الجامع |
| القبة العظيمة التي تعلو ايوان القبلة |
| الحائط الخلفي لمستشفي السلطان حسن |
| احد ايوانات الجامع |







1 التعليقات:
الجامع حقيقة يعد تحفة معمارية رائعة .. شكرا لك
إرسال تعليق